كيفية التغلب على دوار البحر؟ كل شيء عن أنواع مثبتات التمايل المختلفة على متن اليخت

وفقًا لإحصائيات مختلفة، فقط من 5 إلى 10% من الناس لا يعانون أبدًا من دوار البحر

يعاني معظم الناس من دوار الحركة بدرجات متفاوتة، سواء على متن السفن أو في وسائل النقل الأخرى. والمثير للاهتمام أن حتى البحارة وقباطنة اليخوت ليسوا استثناءً، لكن شغفهم بالبحر يجعلهم يتغلبون على أي انزعاج.

معظم الناس يعتادون على حركة البحر بعد يومين فقط. ومع الممارسة المنتظمة، يتكيف الجسم، ولن يشعروا بدوار البحر إلا في الطقس السيئ للغاية. في مثل هذه الحالات، يُفضل البقاء على سطح المركب والتحديق في الأفق، حيث يصبح نقطة توازن تساعد جهاز التوازن في الجسم.

ومع ذلك، هناك من لا يتكيفون مع دوار البحر على الإطلاق. من بينهم كان الأدميرال البريطاني الشهير نيلسون، الذي أمضى معظم حياته في البحر لكنه ظل يعاني من دوار البحر، وكان يلجأ إلى الزنجبيل للتخفيف من حالته. ومن العلاجات التقليدية الأخرى: الروم، الليمون، والنوم العميق، بينما تقدم الحلول الطبية مجموعة متنوعة من الأقراص والأساور التي تعتمد على تقنية الوخز بالإبر.

نعدكم بتخصيص مقال مستقل حول طرق مكافحة دوار البحر في المستقبل، لكن هذه المرة سنتحدث عن حل أكثر فعالية – موازنات الحركة. ولن نخوض في التفاصيل التقنية المعقدة، بل سنحرص على تقديم الشرح بأسلوب بسيط وسهل الفهم حتى للمبتدئين.

ما هي أنواع موازنات الحركة؟

هناك العديد من الأنواع، مما يتيح اختيار الحل المناسب لأي يخت أو حتى لقارب صغير. بشكل عام، تنقسم موازنات الحركة إلى نوعين: سلبية ونشطة. بالإضافة إلى ذلك، تختلف أنظمة التثبيت وفقًا للحالة، حيث إن استقرار القارب أثناء الإبحار يختلف عن استقراره عند التوقف في المرسى، ولكل نوع من الموازنات قدرات متفاوتة في التعامل مع هاتين الحالتين.

الموازنات السلبية للحركة

تشمل هذه الأنظمة الأجنحة الثابتة ، والزعانف، والكِيْلات الجانبية (bilge keel)، التي تعزز استقرار القارب على الماء. إذ تتعرض القوارب لثلاثة أنواع رئيسية من الاهتزازات: الاهتزاز الجانبي ، وهو ميلان القارب من جانب إلى آخر، الاهتزاز الطولي، الذي يتمثل في ارتفاع وانخفاض المقدمة والمؤخرة، والاهتزاز الدوراني، حيث تتحرك مقدمة القارب من اليسار إلى اليمين، مما يؤدي إلى مسار متعرج يشبه اللولب. تساعد هذه الموازنات في تقليل هذه الاهتزازات وتحسين ثبات القارب أثناء الإبحار.

الموازنات السلبية للحركة تقلل من شدة الاهتزازات والتموجات، مما يساعد القارب على الحفاظ على استقراره في المسار بشكل أفضل، ولكنها تعمل بشكل أكثر كفاءة عندما يتم دمجها مع الموازنات النشطة، حيث تكمل وظائفها وتعزز فعاليتها. ومن العيوب المحتملة لهذه الأنظمة أنها قد تؤثر سلبًا على قدرة القارب على المناورة، بالإضافة إلى زيادة مقاومة الماء، مما يؤدي إلى تقليل السرعة وزيادة استهلاك الوقود.

ومع ذلك، هناك حالات معاكسة أيضًا. على سبيل المثال، الجناح الثابت المسجل ببراءة اختراع Hull Vane من الشركة الهولندية التي تحمل نفس الاسم، تم تطويره ليس فقط لزيادة الراحة على متن اليخت (من خلال تقليل الاهتزازات ومستوى الضوضاء)، ولكن أيضًا بهدف توفير الوقود مع زيادة السرعة في الوقت نفسه من خلال تحسين استقرار المسار وتقليل المقاومة.

يتم تركيب Hull Vane على اليخوت التي تتراوح أطوالها من 10 متر إلى أكثر من 100 متر، ويمكن أن تكون لها أشكال مختلفة، بما في ذلك التصاميم المخصصة لليخوت والظروف والمهام الخاصة. يُمكن غالبًا رؤية Hull Vane على يخوت من أحواض بناء السفن الهولندية مثل Van der Valk وHakvoort وSturiër وLinssen، التي تمتلك هياكل ذات إزاحة أو نصف إزاحة.  ومع ذلك، هناك حلول أيضًا للقوارب السريعة، حيث يتم تثبيت الجناح في الجزء المركزي من الهيكل بدلاً من المؤخرة، ويتم حساب موقعه وشكله بدقة وفقًا لنطاق السرعة المطلوب. كما يمكن أن يكون Hull Vane قابلًا للسحب (لتقليل الغمر) وحتى ديناميكيًا، مما يعني أنه قادر على تغيير الزاوية حسب الظروف. ولكن هذه التعديلات تندرج ضمن فئة أخرى تمامًا، وهي الموازنات النشطة للحركة، التي سنتناولها لاحقًا.

الإيجابيات:

• حل منخفض التكلفة
• لا تشغل مساحة داخل الهيكل
• لا تحتاج إلى مصدر طاقة للعمل

السلبيات:

• عادة ما يتم تركيبها فقط على القوارب البطيئة ذات الهياكل ذات الإزاحة أو نصف الإزاحة (على الرغم من وجود استثناءات)
• قد تؤثر على السرعة واستهلاك الوقود حسب التكوين

الموازنات النشطة للحركة

هي مجموعة من الأجهزة التي لا تُعتبر مجرد جزء من الهيكل، بل إنها قادرة على إجراء حركات مستقلة بهدف تقليل الاهتزازات، وبالتالي فهي تحتاج إلى مصدر طاقة للعمل.

المثبتات الزعنفية (Fin stabilisers أو Fins)  

من حيث الشكل، تشبه هذه الأجهزة بالفعل زعانف الأسماك. يتم تصميمها لتوفير أقل مقاومة ممكنة عند تحرك اليخت للأمام، ولكنها توفر مقاومة قصوى عندما يهتز اليخت من جانب إلى آخر. اعتمادًا على حجم اليخت، يتم تركيب زوج أو زوجين من هذه الزعانف أسفل خط الماء في منطقة منتصف السفينة – وهي أوسع جزء في الهيكل. تستجيب الزعانف على الفور لأجهزة استشعار الميل، مما يخلق قوة معاكسة متساوية في الاتجاه المعاكس، ويتم تشغيلها باستخدام نظام هيدروليكي أو كهربائي.

إذا كانت معظم الشركات المصنعة في السابق تعتمد على الأنظمة الهيدروليكية، فإن الأنظمة الكهربائية أصبحت تحظى بانتشار متزايد في الوقت الحالي. وكانت الشركة الإيطالية CMC Marine رائدة في هذا المجال، حيث تمكنت من أن تكون أول من طور تصميمًا موثوقًا لنظام الدفع الكهربائي.  

تتمتع المثبتات الزعنفية الكهربائية بعدة مزايا مقارنة بالأنظمة الهيدروليكية: فهي أقل تكلفة، وأسهل في التركيب، وأقل ضوضاء. كما أن مكونات النظام الكهربائي أكثر إحكاما، مما يعني أنها تشغل مساحة أقل في هيكل اليخت، وهي مساحة غالبًا ما تكون محدودة. أخيرًا، لا يتطلب النظام الكهربائي مد أنابيب هيدروليكية، ويستبعد احتمال تسرب الزيت المستخدم كسائل عمل في الأنظمة الهيدروليكية.

لتقليل التمايل عندما تكون السفينة في حالة حركة. أما لتثبيت السفينة في حالة السكون – مثلًا عند الرسو على المرساة، فإنها تحتاج إلى أن تعمل بشكل مختلف. يتم حل هذه المشكلة بطرق متنوعة: عن طريق تغيير شكل ومساحة الزعانف من خلال إطالة شفرات إضافية، أو استخدام نفس الزعانف ولكن في وضع تشغيل مختلف، أو تركيب مجموعة إضافية من الزعانف مخصصة للعمل عند "السرعة صفر"، أو الدمج مع أنظمة تثبيت أخرى، وما إلى ذلك.

الإيجابيات:  

•  فعالة جدًا أثناء الحركة 

السلبيات:  

• مثل أي شيء يبرز بشكل كبير عن هيكل اليخت، تكون عرضة للتلف عند الاصطدام بالأجسام العائمة أو تحت الماء

مثبتات الجيروسكوب (Gyroscopic Stabilisers)  

هذا النوع من المثبتات يأتي في شكل "صندوق" محكم الإغلاق، يحتوي في داخله على دوار (rotor) يدور بسرعات عالية في بيئة مفرغة من الهواء. يعمل الجيروسكوب كنظام "ذاتي التوازن"، حيث يسعى إلى الحفاظ على وضعه، مما يعاكس القوى التي تسبب ميلان اليخت. تكون مثبتات الجيروسكوب أكثر فعالية أثناء الرسو على المرساة، ولكنها أيضًا توفر راحة كبيرة أثناء الحركة.  

تعتبر مثبتات الجيروسكوب شائعة جدًا في صناعة اليخوت الحديثة (هناك العديد من الشركات المصنعة، ولكن شركة Seakeeper هي بلا شك الرائدة في هذا المجال). ومع ذلك، فإن لها إيجابيات وسلبيات. من بين الإيجابيات: المرونة، حيث تتيح العديد من النماذج اختيار الخيار المناسب للتركيب على اليخوت الكبيرة وحتى القوارب الصغيرة التي يبلغ طولها من 6 أمتار. لا توجد أي مثبتات أخرى مناسبة لهذه السفن الصغيرة!

مثبت الجيروسكوب هو وحدة مستقلة يمكن وضعها في أي مكان داخل هيكل السفينة، وليس بالضرورة على المحور المركزي لها. المكان المثالي هو حجرة المحرك، خاصةً أنه من السهل توصيلها بالتيار الكهربائي هناك. ومع ذلك، هناك مثبتات جيروسكوبية صغيرة قادرة على العمل باستخدام البطاريات. على الرغم من أن الجيروسكوبات تشغل مساحة داخل الهيكل، إلا أنها معقولة إلى حد ما – فهي مصممة لتكون مضغوطة.  

أما العيب الواضح للجيروسكوبات فهو أنها تحتاج إلى تشغيل مسبق لتبدأ في أداء وظيفتها. على سبيل المثال، تحتاج مثبتات Seakeeper، اعتمادًا على الموديل، ما بين 20 إلى 70 دقيقة لبدء عملية التثبيت.

الإيجابيات:  

•  فعالة جدًا أثناء الرسو على المرساة
•  مناسبة لكل من القوارب الصغيرة واليخوت الكبيرة
•  سهلة التركيب
•  يمكن دمج عدة جيروسكوبات معًا
•  يمكن وضعها في أي مكان دون التأثير على فعالية التثبيت 

السلبيات:  

•  ليست فعالة أثناء الحركة مثل المثبتات الزعنفية
•  لا يمكنها العمل فورًا، حيث تحتاج إلى وقت للوصول إلى السرعة المطلوبة

المثبتات الدوارة (Rotor Stabilisers)  

ليست شائعة جدًا في سوق اليخوت بشكل عام، ولكنها غالبًا ما تُستخدم في اليخوت التي تنتجها أحواض بناء السفن الهولندية.

تتكون المثبتات الدوارة من أسطوانات دوارة توضع أسفل خط الماء بزاوية 90 درجة على كل جانب من اليخت. يعتمد مبدأ عملها على ما يُعرف بتأثير ماغنوس. عندما تدور هذه الأسطوانات في الماء، تتشكل منطقة ذات ضغط مرتفع على أحد جانبي الأسطوانة، مما يخلق قوة رفع تعاكس التمايل. يمكن تغيير سرعة دوران الأسطوانات، وبالتالي قوة الرفع، وفقًا للظروف.

الإيجابيات:  

•  سهلة التركيب والاستخدام 
•  مناسبة للقوارب الصغيرة  
•  يمكن طيها لتلتصق بالهيكل  

السلبيات:  

•  تُركب فقط على السفن البطيئة ذات الإزاحة الكبيرة 
•  تقلل التمايل فقط عندما تكون اليخت في حالة حركة، ولا تكون فعالة أثناء الرسو على المرساة 

الاستنتاجات:  

تثبيت التمايل ليس فقط من أجل الراحة على متن اليخت، بل أيضًا من أجل السلامة – سواء للأشخاص أو للسفينة نفسها. يمكن أن يتسبب التمايل في إصابات أو سقوط أشخاص في الماء، كما أن دوار البحر قد يكون تجربة سيئة للغاية للضيوف، مما قد يفقدهم الرغبة في الإبحار للأبد. ولكن حتى إذا كنت لا تعاني من دوار البحر، فإن التمايل قد يكون مرهقًا، حيث يتطلب منك بذل جهد مستمر للحفاظ على توازنك، حتى وأنت جالس.  

حتى دون النظر إلى الحالات القصوى، مثل خطر انقلاب اليخت أو دخول المياه إليه، فإن الضرر الناتج عن التمايل يكمن في تسريع تآكل المعدات الموجودة على متن السفينة. لذلك، في اليخوت الحديثة التي يبلغ طولها 25 مترًا أو أكثر، عادةً ما يتم تثبيت نظام تثبيت من نوع ما منذ البداية. وفي اليخوت الكبيرة، يمكن رؤية مجموعات من مثبتات التمايل بأنواع مختلفة.  

أما بالنسبة لليخوت الشراعية، فقد لا تحتاج إلى مثبتات تمايل على الإطلاق، خاصة أثناء الإبحار: حيث أن العارضة الطويلة وضغط الرياح على الأشرعة يعملان على تثبيت اليخت بشكل قوي. ومع ذلك، في اليخوت الشراعية الكبيرة والفاخرة، غالبًا ما يتم تركيب مثبتات تمايل – من أجل الراحة أثناء الرسو على المرساة أو في حالة الرحلات الطويلة باستخدام المحرك دون أشرعة. في النهاية، الراحة والسلامة تستحقان الاستثمار، فالإبحار على اليخوت هو في المقام الأول من أجل المتعة.